Yuval Harari's Book Sapiens review – العاقل" الكتاب الأكثر ثورية في الألفية الجديدة"

العاقل: تاريخ مختصر للنوع البشري
الكتاب الذي ترجم إلى أكثر من 45 لغة
ينصح بيل غيتس بقراءته وقيل عنه أنه سيغير منظورك للعالم.
لكاتبه يوفال نوح هراري الذي يعد من أهم المفكرين في العالم حاليا
كتبه تنفذ من المكتبات بمجرد أن توضع على الرفوف
وبيعت منها حرفيا ملايين النسخ
لكن رغم الأهمية والشهرة الكبيرة التي يحظى بيها الكاتب
إلا أن ترجمة كتبه إلى العربية تأخرت كثيرا
، ربما بسبب جنسية الكاتب الإسرائيلية
فما السر وراء هذا الكتاب؟
دعونا نراجعه سويا في تانيت تقرأ “سلسة جديدة”
الكتاب عبارة عن رحلة نتتبع فيها تاريخ الجنس البشري
وكيف أصبحنا على ما نحن عليه اليوم
سواء من الناحية البيولوجية او الاجتماعية والثقافية
هذا التطور الرهيب تحقق لنا عبر عدة عوامل
منها الثورات المختلفة
والعامل الأهم هو الثقة التي وضعناها في أنظمتنا السياسية والاقتصادية والدينية
والتي من دونها لم نكن لنصل إلى أي نظام
بل بقينا نتخبط في الفوضى واللاجدوى.
الكتاب مقسم إلى أربعة أجزاء، في كل جزء العديد من الفصول
الجزء الأول بعنوان الثورة الذهنية
خصصه الكاتب لذكر أصل الإنسان العاقل
حيث قال أن عمر أسلاف العاقل يمتد إلى حوالي 2.5 مليون سنة
ويعتقد أنهم تواجدوا أول الأمر في شرق إفريقيا
أين وجدت أقدم المستحثات لهم
ليهاجروا بعدها إلى

بقية أنحاء العالم
وقد ساهمت العوامل المناخية المختلفة للمناطق التي استوطنوها في تطور البشر
فظهر لنا مثلا إنسان النياندرتال في أوروبا
والإنسان المنتصب في آسيا
وإنسان السولو في اندونيسيا
أما الإنسان العاقل فظهر قبل حوالي 70 ألف سنة
وهو الوحيد الذي استطاع البقاء ومحو بقية الأجناس البشرية الأخرى
كما تحدث في هذا الجزء عن أهم ما يميز الأنواع البشرية عن بقية الكائنات على الأرض
فنجد الأدمغة الكبيرة مقارنة بالحيوانات الأخرى
وهي ما منح هذا التفوق للأنواع البشرية
كما انها السبب في كون صغار البشر يولدون قبل اكتمال نموهم
وإلا قتلوا امهاتهم اثناء الولادة
ونجد هراري في هذا الجزء يدين الإنسان العاقل الذي تسبب في انقراض عدة فصائل حيوانية
خاصة في أستراليا
يقول يوفال بهذا الخصوص:
لا تصدق حاضني الأشجار الذي يدعون أن أسلافنا قد عاشوا في تناغم مع الطبيعة
إن لدينا تميزا مريبا في كوننا النوع الأكثر فتكا في سجلات علم الحيوان
في الجزء الثاني من الكتاب تحدث هاراري عن الثورة الزراعية
واعتبرها أكبر خديعة وقع فيها الإنسان العاقل
فرغم أنها سمحت لنا بمضاعفة أعداد جنسنا
إلا أنها حرمتنا من التنوع في الغذاء وجعلتنا عبيدا نخدم القمح
، وبسبب الزيادة الكبيرة في أعداد السكان تشكلت المدن والدول
كل هذا جعل الإنسان العاقل أمام حتمية وضع قوانين لتسير هذه المجتمعات
هنا طرح نوح هراري إشكالية التساوي بين البشر
فهو يرى أن البشر متطورون جينيا
وأن كلمة الحرية هي اختراع إنساني لا يوجد إلا في خيالهم
فمن وجهة نظر بيولوجية لا معنى لقولنا أن البشر أحرار
حتى في المجتمعات الديمقراطية
، كما وضع الكاتب تساؤلا مهما للغاية
عن معنى السعادة
حيث أن علم البيولوجيا يعترف فقط بالمتعة
كمجموعة هرمونات محدودة التأثير
وبسبب كل هذه المتغيرات التي جلبتها لنا الثورة الزراعية
ظهرت الحاجة لحفظ المعلومات دون الاعتماد فقط على ذاكرتنا القاصرة
وهنا ابتكر الإنسان العاقل الكتابة
كان هذا في بلاد سومر أو حضارة ما بين النهرين حوالي 3000 سنة قبل الميلاد
في الجزء الثالث من الكتاب بعنوان توحيد البشرية
ركز الكاتب على فكرة أن العوالم البشرية بعد أن كانت متفرقة وعديمة التواصل فيما بينها
تتجه اليوم نحو الاتحاد بشكل متصاعد
وبدأنا بالفعل نشير إلى ثقافة عالمية واحدة
يشترك فيها جميع البشر تقريبا في نفس النظم السياسية
والقانونية وحتى العلمية والثقافية
كما ظهر المال كعقيدة عالمية
حيث حل المشاكل التجارية التي عجزت المقايضة عن حلها
وخصص في هذا الجزء من الكتاب حيزا للحديث عن الإمبراطوريات الإمبريالية
التي ساهمت في توحيد العالم رغم وصفها بأنها شريرة
ويرى أننا اليوم إزاء إمبراطورية عالمية واحدة
لا تخضع لأي دولة محددة
وبالنسبة للدين فيراه هراري بأنه الموحد العظيم الثالث للبشرية بعد المال والإمبريالية
وأعطى لمحة تاريخية عن تطور الأديان من عبادة الأرواح
وبعدها الآلهة المتعددة وصولا للديانات التوحيدية الكبرى
كما لم ينس ذكر الديانات الفلسفية على شاكلة البوذية والأبيقورية
واعتبر أن الديانات الكلاسيكية بدأت تفقد مكانها أمام تنامي وهيمنة الديانات الإيديولوجية كالشيوعية
الجزء الرابع والأخير من الكتاب خصص للثورة العلمية
يقول هراري عنها
ربما لم تكن الثورة العلمية ثورة معرفة بل كانت قبل كل شيء ثورة جهل
ويرى الكاتب أن العلم الحديث يقوم على ثلاث أسس
تتمثل في الاستعداد للاعتراف بالجهل والملاحظة وأخيرا الرياضيات
ويشرح هذا بالقول أننا انتقلنا من الاعتقاد بأننا نعرف إلى الاعتراف بأننا نجهل الكثير
حتى أن العلم اليوم يسعى لحل مشكلة الموت التي كانت ولازالت تعتبر مصيرا بشريا محتوما
وتطرق أيضا للعديد من المواضيع الأخرى المرتبطة بالثورة العلمية
كالرأسمالية وجذورها والشرور الكبيرة التي نجمت عنها بالنسبة للدول الفقيرة
حيث استهلكت مواردها وشعوبها من أجل رفاهية الشعوب المتقدمة
غير أنه رأى أن الكعكة أصبحت كبيرة اليوم
، وصار بإمكان الكثير من البشر في مختلف أنحاء العالم أن يستفيدوا منها ولو بنسب متفاوتة
أما عن الأمور الخطيرة التي جلبتها لها الثورة العلمية
فهي التطور في النظم الاجتماعية وتهديد النظم القديمة
كمفهوم الحياة في حضن العائلة والمجتمع
حيث تسببت الثورة العلمية في تحرير الفرد من القيود الاجتماعية المتوارثة
وتعويضها بقيود السلطة والسوق والفردانية
أنهى هراري كتابه بنظرة استشرافية عن مصير الإنسان العاقل مستقبلا
هل هو في أيدينا فعلا ويمكننا أن نتلاعب به؟
بعد أن كنا كائنات لا شأن لها تدير شؤونها الخاصة في زاوية من زوايا أفريقيا
نمضي اليوم نحو الاستنتساخ والحيوالات وغزو الفضاء
لعل أكبر تحفظ يسجل على هذا الكتاب هو تسطيحه للمعرفة
واختزاله للكثير من العلوم والفصول التاريخية في صفحات للكسالى
لكن هذا الكتاب نسغ كامل للأشخاص الذين لا يجرون وقتا كافيا للقراءة
ويريدون استدرار أكبر قدر من المعلومات في أسرع وقت
هراري لم يخرج كتابا للأكاديميين
بل أخرج كتابا للبشرية
لا تموتوا قبل أن تقرؤوه

%d bloggers like this: